%D9%81%D9%8A%20%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D9%89%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%A1 - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


في حضرة التقى والنقاء
حامد الحلبي - 03\11\2012
رحم الله شيخنا الجليل المرحوم أبو احمد سعيد الصفدي، هذا "التقيّ النقي ّالطاهرُ العلمُ" الذي كانت حياته منارة ومثالا للاستقامة ،والزهد، والتقى، والإيمان الصادق العميق المكرس لوجه الله تعالى فقط. لقد انطبق عليه وصف المتصوفين الكبار "ليس الغنيّ من يملك كل شي، بل الغنيّ الحقيقي هو الذي لايملكه شيء" . لقد كان شيخنا من هؤلاء الذين لايملكهم شيء من مغريات هذه الدنيا، من مال، وجاه، وحب للذات، وغير ذلك .وقد واجه فقيدنا المرحوم هذه المغريات بالترفع عنها ،وبصفاء الروح ونقاء السريرة وقوة الإرادة، والتوحّد في محبة الله سبحانه وتعالى ، وحب الناس وعمل الخير... ، لقد ترك حطام الدنيا لمن أراد إن يلهث وراء ذلك الحطام ، واستغنى عن الدنيا بالآخرة ،وعن الفاني بالدائم ،وعن نوازع النفس بسمو النفس،... لقد كان ممن استطاع - وبإرادة عظيمة- أن يجعل قوله هو سلوكه وان يعلّم الناس بسلوكه الصادق قبل كلامه الصادق . لقد كان قدوة في السلوك، بحيث أصبح اسمه مرادفا للقيم النبيلة ، وهذه صفة العظماء، فالعظمة الحقيقية ليست بالشهرة والضجيج وعربدة القوة والبطش والجبروت وطغيان المال والمادة ،وكل ما لايمت إلى الضمير والعقل والإنسانية بصلة ،....بل الشهرة الحقيقة تكون بإنكار الذات في سبيل الخير والحق ومحبة الله والناس ،..... وقد صدق فيه قول جبران خليل جبران :"ليس العظم بالمقام، إنما العظيم من يأبى المقام" ،أن مقامه الحقيقي هو -بإذن الله- مقامه الكبير عند الله سبحانه وتعالى وفي قلوب ووجدان الناس . إن شيخنا الفقيد -بهذا كله- كان إنسانا كبيرا، -بكل ماتعنيه هذه الكلمة - حيث امسك بنور وجوهر الوجود الإنساني ...الذي هو القيم النبيلة لا المطامع والشهوات والمصالح. لقد تمثل وتشرب فقيدنا ،الجوهر النوراني والإنساني والرباني العميق لمسلك التوحيد ،الذي هو من أسمى القيم في تاريخ البشرية. لقد عرفنا صفات المرحوم ونحن صغارا في جولاننا الحبيب ..ونعرف محاسبته العالية لذاته وللناس ...فهو –مثلا- لم يكن لم يكن يصنع أكثر من مطواة(عويسية) واحدة لمن يطلب ذلك منه ،حتى لايتاجر ذلك الشخص بالمطواة الثانية، ويكون عمله سببا لربح غير مشروع من قبل الآخرين،.... وكان في صنعته مثال الدقة والمهارة والإبداع والأمانة. رحمك الله أيها العابد الفاضل، والغيث الهاطل ،والنور الشفاف الساطع، والبدر الطالع، ولتكن صفاتك منارة تحتذى مدى الأجيال . تعازينا القلبية لذوي الفقيد -وكلنا ذوو الفقيد- ولكل من عرفه، أو سمع به ،ولأهل الدين والتقى والنقاء جميعهم .

الآسف حامد الحلبي .